ثمة أشياء في هذا الكون تقف لغة اللسان صماء بكماء أمامهم
لأن إيقاع الحروف لا يساوي شيئاً أمام تعابير الواقع!!
هل تذكرون أحبتي أمانينا القديمة التي بنتها لنا يوماً براءة الطفولة؟؟
ربما كنتم تتمنون مثلي يوم أن كنت أحلم أن أموت قبل موت أمي..
ومازلتُ إلى اليوم..
يوم أن كان طموحي أن لا يواري الثرى أحداً من إخوتي قبلي!!
كنت وكنا جميعاً نفضل أن نفدي أحبة القلب وساكني الروح..بالروح!!
كان هذا هو كل حلمي..أن أموت قبلهم..فهذا أخف وأرحم لقلبي من فقدهم فهم لي الحياة كلها وهم بلسم الجروح
وعلى طريق مكة يوماً فقدتُ من كنتُ وسأظل كل عمري أسميه ( صديق الروح اخي)
وتجرع الكل مرارة الحادثة بكل تفاصيلها المؤلمة..وظلت الغصة تكبر وتتحشرج في الصدر المكتوم..
وكبرت في داخلي أمنية الطفولة..وازداد تعلقي بحلمي القديم..مازلت مصرة على أن أكون أول من يموت!!
ومرت بنا الأيام كأسرع ماتكون..
ورحل أحبة تلو أحبة تلو اخرون.وظللتُ أبكي في منتصف الليل أدعو الله وأتضرع إليه
أن أكون إن شاءت الأقدار ان تختار فرداً من عائلتي..أن أكون أول من يموت!!
اااااااهٍ يا أيام الطفولة..لعلنا مازلنا نحتفظ ببعض ضيائها الذي نقتات به في كهوف القلوب المظلمة اليوم
ربما لم نفقد الكثير..لم نفقد الكثير..مازال قلب الطفولة ينبض في قلوب من جاوزوا الثلاثين أو تعدوا الأربعين!!
لكننا اليوم لا نتمنى أن نموت قبل القريب أو الصديق أو نفتدي بالروح الحبيب
اليوم..هناك فرقٌ بين ماهو ملكي..وبين ماهو ملكها..وبين مايملكه هو..أليس لكلُ منا عالمه الخاص؟؟
اليوم..لا مانع ان أعطيك كل ماتحتاجين..سأهبك كل ماتتمنين..لكن ليس دون مقابل..سيرجع الدين يوماً إلى المدين!
اليوم..قد أضحك معك وأفرح ,وأهديك من الهدايا الشيئ الثمين,لكنني لستُ مستعدة ان أعيش من أجلك بقلب حزين!!
اليوم..لك مني كل شئ..لأن كل شيئ موجود..لكن حين لا يبقى شيئ..ربما لن اعطيك أي شيئ..
اليوم..من أجلك سأتعب..وأتحمل الصعب والأصعب..لكنني قد لا أغفر لك زلة أو إساءة أو عيب..
اليوم..ليس كالأمس..
بالأمس كانت كلمة (أنا) من قواميسنا معدومة..لكن اليوم : لا بأس!!
بالأمس: كنا معاً نأكل ونشرب...لكن اليوم أصبح لكل منا كأس!!
بالأمس: كنا مستعدون لدور الضحية..اما اليوم:فعذراً مازال في عمري بقية!!!!
بيناليوموالأمس..تكبر الأجساد
وتتوسع العقول
وتزداد الأرصدة والأموال
لكن تصغر القلوب..وتضيق بنا الأماني..ويصبح الطفلُ منا أكبر!!
ثم بعد ذلك..نرسم علامة تعجب كبرى حين نسمع أن المسلم في العراق يقتل أخاه المسلم !!
ونستغرب حين نسمع في الأخبار أن دولةً مجاورة تنفث السموم أشكالاً وألواناً لجارتها الدولة المسلمة!!!
ثم تبلغ الدهشة منا مبلغها حين نرى أمريكا تسرق وتغتال وتنهب في أراضي إخوتنا في الأسلام ولا نحرك لذلك
ساكناً إلا فيما ندر!!!
ونظل نسأل الاخرين: لماذا يموت الفلسطيني والعراقي والأفغانستاني ..ومع ذلك لا أحد يتعجب..!!
ترى مالسبب؟؟
فقط دقائق....ثم ينالنا من هذا (السؤال) التعب!!!!!
إن كان مجرد الاهتمام والسؤال والدعاء والحسرة صارت تعب...فلمَ العتب؟؟؟
نمسك الريموت..ونقفل الشاشة..ونذهب لمشاوير الحياة بحجة إراحة القلب من الهم والاكتئاب والكرب..
القلب!!!
مازال يضيـــــــــق
ويضيق
ويضيق
ولم تعد لأمانينا القديمة مكان
ومع ذلك..يموت الفلسطيني والعراقي والأفغانستاني..ولا أحد يتخيل أن يكون يوماً بنفس المكان!
فكيف نتخيل أن نموت مكانهم كما كنا نحلم أيام زمان؟؟؟