أطفال
الأم: حقًا لقد تعبت من هذا الطفل، ولم أجد حلًا للتعامل مع سلوكه السيء...
أي شيء أوقفه.. نوبات الغضب.. أم التبجح عليَّ.. أم العناد.. أم رفع صوته عليَّ.. أم إهماله.. أم ماذا وماذا..؟؟
لا أظن أن هناك أمل في أن يكون هذا الطفل منضبط ومؤدب ويتعلم الانضباط..
لقد رأيت أمجد ذلك الطفل المنضبط ابن جارتي.. بسم الله ما شاء الله عليه..
حقًا لقد حسدتها عليه.. لا تأمره بأمر إلا سمع كلامها..
ولا تنهاه عن شيء إلا استجاب لأمرها...
كم كنت أتمنى أن يكون طفلي هكذا!!
ولكني عندما حكيت هذا لزوجي؛ أخبرني أن طفلي لن يكون مثله إلا في الأحلام!!
ومن هذه اللحظة أصبح الأمل في انضباط طفلي وتقويم سلوكه حلمًا من أضغاث الأحلام!!.
أتيناكم لنحقق لكم الأحلام
نعم عزيزي المربي، هذا هو الهدف من سلسلتنا الجديدة "الطفل المنضبط"؛ أن نحقق لك الأحلام، وأن نُذهب الهم والغم عن هذه الأم الحزينة ومن على شاكلتها من الأمهات اللاتي يئسن من أولادهن ومن الأمل في تقويم سلوكهم، وعدوا هذا الأمر حلمًا من الأحلام..
لن نطيل الحديث في هذه السلسلة عن أسباب السلوك السيء، ولكننا سنتكلم بصورة عملية: كيف نسيطر على السلوك السيء للأطفال؟ ثم بعد ذلك كيف نستطيع أن نغير هذا السلوك؟ وكيف نصنع مناخًا يشجع السلوك الحسن؟
ولكن قبل أن تبدأ معنا لتحقق هذا الحلم؛ وهو أن يصل كل واحد منا بطفله إلى الطفل المنضبط سنحدد لك علامات وإشارات في هذا اللقاء تكون هذه العلامات والإشارات بمثابة الدليل لك وأنت في طريقك معنا لهذا الطفل المنضبط، فكلما تاه قلبك أو حار عقلك أو انتابك شيء من اليأس تذكر هذه الإشارات وهذه العلامات فإنها ستكون بمثابة المثبت لك على الطريق.
الإشارة الأولى ـ لست وحدك
فأغلب الآباء يعانون من مشكلة سلوك الأطفال السيئ وليس هناك حقيقة طفل مثالي؛ ولذلك فلا تتعب نفسك بمقارنة طفلك بغيره، فما تراه من حسن سلوك طفل ما لا يدل بالضرورة على أن هذا السلوك دائم ومستمر، فربما كان ما وراء الأستار يشيب منه الصغار.
وليست هذه دعوة إلى السلبية والجلوس إلى جوار اليائسين من الآباء لندب الحظ السيئ، ولكنه تحذير من مقارنة طفلك بغيره من الأطفال لأن هذا يكسب الطفل نوعًا من الحسرة والألم؛ وذلك بسبب الغيرة التي تتفجر في داخله لحظة أي مقارنة مع الآخرين، لا بد أيها المربي الفاضل أن يشعر طفلك أنه الأفضل بالنسبة لك وأنك تكره سلوكه السيئ فحسب, لا تكرهه هو بنفسه.
الإشارة الثانية ـ حدد هدفك
لا نريد أن يكون هدفك الأول أيها المربي الفاضل وأنت تسعى لتقويم سلوك طفلك السيئ؛ أن تضع حدًا لكمية الإحباط والغضب والمضايقة داخل بيتك، فهناك هدفًا آخر يعتبر الدافع الأساسي الذي يجب أن تناضل من أجله للتصدي لسلوك أبنائك السيئة، إن هذا الهدف هو أن تصنع رجالًا صالحين يعرفون حق الله تعالى عليهم وحقوق الناس.
إن تحديد الهدف من السعي يغير كثيرًا من همة الساعي وصبره وعزيمته وتضحيته لأجل الوصول لهدفه المنشود.
وشتان شتان بين أب هدفه صلاح ابنه, وأب آخر هدفه الاستراحة من الصداع والإزعاج.
الإشارة الثالثة ـ لا تكن مثاليًا
لا بد أن تكون واقعيًا أيها المربي؛ فطفلك مهما بذلت معه من جهد فلن تستطيع أن تصل معه إلى ما هو خير من الفطرة، والفطرة لا تعني العصمة!!
فلا تطلب طفلًا معصومًا ولا مثاليًا، إن الأطفال حتى أفضل الأطفال شأنهم شأن الكبار يصدر منهم بعض الهفوات أو يتعرضون للنسيان أو لبعض الضيق عند استيقاظهم في الصباح، وأحيانًا قد لا يشعرون برغبة في التعاون لأنهم في النهاية بشر.
فإذا كنا نزعم أننا سنسعى في هذه السلسلة لتحقيق هذا الحلم الجميل "الطفل المنضبط"، ولكن هذا الحلم من وجهة أخرى لا بد وأن يكون واقعيًا وإلا صار بالفعل من أضغاث الأحلام.
الإشارة الرابعة ـ وحِّد جبهتك أنت وزوجتك
إن الأبوين اللذين يشكلان جبهة موحدة فيما يخص الانضباط هما اللذان يحققان أفضل النتائج، فتبادل أنت وزوجتك الأفكار والمشاعر حول كيفية التصدي للسلوك السيئ.
إن النظام الأمثل هو أن ندع كلا من الطرفين سواء الأب أو الأم المتواجد مع الطفل عند إساءة السلوك بمعالجة الأمر كما يتراءى له، إن عهد "انتظر حتى يعود والدك" يجب أن يكون قد انقضى منذ زمن بعيد؛ لأن مثل هذه العبارات تصور الأب على أنه "الرجل الشرير"، بالإضافة إلى أن هذا التهديد يخلق نوعًا من القلق غير المبرر لدى الطفل الذي كان يمكن من الأفضل أن ترد عليه الأم بشكل فوري قائلة: (قلت لك ألا تضرب أخاك ولكنك ضربته ثانية، تعال واجلس معي واتركه يلعب لوحده في سلام).
وإلى لقاء قريب ومستقبل راق لأبنائنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات